ولكلا التيارين عورات لاتحصى رغم وجود عدد كبير من الطاقات التي للأسف فقدت كل ميزاتها مع هذين التيارين :
1ــ فبالنسبة للتيار المتغرب نرى العديد من الكفاءات العلمية تسانده بكل قناعة بحجة المنطق العلمي لكن في العلوم الإقتصادية والقانونية خصوصا ، ولهذا فإن المظهر العام لهؤلاء مظهر براق ولكن كما قال تعالى : وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم .المنافقون 4
وذاك لأن منطقهم ناسف للدين بكل تفلسف ..
وهاته الثقافة الفلسفية العالية مرجوة في جهادنا الحضاري اليوم ، لكن الجهل بالدين تبقى العائق الأكبر أمام إلمامها بكل الحقائق الإسلامية ..
ولهذا فإن هناك من هؤلاء من يعارض توجهات الإسلاميين لا حقائق الإسلام ، كما أنه لم يلق الإطار الرحب في الجماعات الإسلامية المسيسة : فظل بعيدا كل البعد عن إصلاح مجتمعه رغم وعيه الكبير بالسياسة ..
ويعد هؤلاء طاقة مهدرورة ، ومن الواجب الإجتهاد في دعوتهم العلمية للحقائق الإسلامية ، عوض التوقف السياسي ضدهم .
2ــ أما بالنسبة للتيار الأصولي ، والرافض لكل مظهر حداثي فإن مرشدوه وللأسف وقعوا في خطأين :
ـــ إما أنهم خاصموا السياسة والسياسيين وأصبحوا يدعون للفقه الإسلامي في إطار الحلال والحرام فقط ..
ولهم ذلك لكن جريمتهم تكمن في نسفهم للتراث الإسلامي وفكره وحضارة الأمة ، وفي رؤية أن منهجهم الفقهي وحده الأصح.
في حين أن للفكر الإسلامي دور في الإصلاح الإجتماعي ربما فاق مستوى الفقهاء السلفيين ، ولهذا ظل الوعي العلمي لمعظمهم بسيط ، ولحد اهتمامهم بالشكليات والظواهر لا غير ، بل ومحاربتهم حتى للساسة من الإسلاميين .
ـــ وإما أنهم يعارضون السياسات الرسمية ولكن بتربية أتباعهم على التقليد والوعي البسيط : لأن همهم هو تكثير السواد حتى يصلوا للسلطة :
فربوا سوادهم على التموقف ممن سواهم ولو كان إسلاميا ، مما كرس الفرقة والتدابر بين جماعاتهم ، ولحد محاربة كل منها للأخرى ..
لكن بينهم طاقات مهدورة أيضا ، كما أن العديد من أتباعهم حسنوا النية وملتزمون حقا بالعبادات رغم انغلاقهم التام على ثقافة جماعتهم لا غير .
وهؤلاء معا يرون أن عدوهم هم العلمانيون ، ولحد تكفير من يعمل مع الدولة حتى كموظف..
وينسون أن العلمانيين أنفسهم ناضلوا بل ويناضلون على نفس المطالب التي يرفعون اليوم شعاراتها ..
وهذا التيار كنز للأمة إن تفتحوا على كل العلوم والفقهيات الإسلامية وما حق من علوم ...
ونرجوا الله أن يفتح بصائرهم مذلك على الفكر الإسلامي العلمي الحق لأنه يعد الفعال الأكبر في تجديد عقولهم كمسلمين .
وهذين التيارين لو اجتمعا معا ، وتفتح كل منهما على الآخر ، وتاب المتغربون من ضلالهم عن الدين ، وتفتح الأصوليون على ثقافة العالم لقمنا بنهضة إسلامية عالميه لصالح كل الناس ، وحقا إنسانية .
ولهذا ننظر مشيرين لا حاسمين في بديلنا هذا .
فكلا التيارين يعدان تكامليان ومتكاملان في جهاد أمتنا الحضاري، لأن تلاحم التيارين يعني بزوغ تيار الأصالة والمعاصرة ونهج السنة والعلوم ..
وذاك مرمانا الأول نحو مسلم وسطي ومعتدل .
وخصوصا وأن معظم اللامنتمين اليوم وسطيون ومعتدلون ، لكنهم لا يرون في الإسلاميين ولا في السلفيين بديلهم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق